للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: إن خدي لا ينكر دموعي السابلة عليه؛ لأنها لم تزل تسيل على الخد حتى صار فيه طريق سابل، فهذا الذي يجري الآن يجري في ذلك الطريق المسلوك.

وروى: في مسلك سائل يقال: هذا المكان سائل الماء. أي يسيل عليه الماء

أأوّل دمعٍ جرى فوقه؟ ... وأوّل حزنٍ على راحل؟

يقول: ليس هذا بأول دمع جرى، لأني كثيراً ما ابتليت بذلك، وليس الحزن الآن بأول حزن على حبيب راحل، لأني قد تجرعت من غمومه غير مرة.

وقيل معناه: لست أول عاشق بكى من الفراق وحزن من ألم الشوق، وقد كان قبلي عشاق يبكون ويحزنون على فراق الأحبة.

وهبت السّلوّ لمن لامني ... وبتّ من الشّوق في شاغل

يقول: تركت السلو على من لامني، ويأمرني بالسلو، ويعذلني عليه، واشتغلت بما أنا فيه من الوجد والشوق والمحبة.

كأنّ الجفون على مقلتي ... ثيابٌ شققن على ثاكل

يقول: كأن جفوني على مقلتي - لتباعد ما بين الجفون من شدة السهر - ثياب شققن على ثاكل؛ لأنها إذا شقت تباعد ما بين جانبي المشقق.

ولو كنت في أسر غير الهوى ... ضمنت ضمان أبي وائل

يقول: لو كنت أسيراً كسائر الأسارى. الذين يكونون في أيدي الأعادي لضمنت لهم من المال ما ضمنه أبو وائل، واستعنت بسيف الدولة ليخلصني من الأسر، ولكني أسير الهوى، فلا أقدر على الخلاص منه، ولا أقهره بشدة ولا قوة.

فدى نفسه بضمان النّضار ... وأعطى صدور القنا الذّابل

يقول: فدى نفسه أبو وائل من الخارجي بأن ضمن لهم الذهب، وأعطاهم صدور القنا التي جاء بها سيف الدولة حين استنقذه من يديه.

ومنّاهم الخيل مجنوبةً ... فجئن بكلّ فتىّ باسل

مجنوبة: أي مقودة جنب الفارس.

يقول: مناهم أبو وائل الخيل مقودة ليفدى بها نفسه فجاءتهم الخيل بكل فارس شجاع يضرب رءوسهم ويهلكهم.

كأنّ خلاص أبي وائل ... معاودة القمر الآفل

شبه أسره وخلاصه بالقمر إذا غاب ثم طلع. يعني عاد كالقمر، وهو في نوره كما كان.

دعا فسمعت وكم ساكتٍ ... على البعد عندك كالقائل

يقول لسيف الدولة: إن أبا وائل دعاك لتخلصه، فسمعت دعاءه ثم قال: فكم ساكب أي أنك تراعي أمر القريب منك وأمر البعيد الذي لا يسألك مراعاته، فكأنه في سكوته استجارك كالناطق؛ لأن معونتك تعم الخاص والعام.

فلبيّته بك في جحفلٍ ... له ضامنٍ وبه كافل

ضامن وكافل: نعت لجحفل.

يقول: لما دعاك لبيته بنفسك في عسكر ضامن لأبي وائل، وكافل به، فخلصته من يد الخارجي، ولم يكن هناك دعاء ولا إجابة، ولكنه جعل وقوعه في يد الخارجي دعاء منه، وخروج سيف الدولة إجابة منه إياه.

خرجن من النّقع في عارضٍ ... ومن عرق الرّكض في وابل

خرجن: أي الخيل. والركض: الضرب بالرجل جنب الدابة.

يقول: إن الخيل لما ركضت، ثار الغبار مثل السحاب، وسال عرقها مثل المطر الوابل.

فلمّا نشفن لقين السّياط ... بمثل صفا البلد الماحل

نشفن: أي جف العرق عنهن. والصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة البيضاء. والبلد الماحل: المجدب، فحجره أصلب.

يقول: إنها لما عرقت الخيل علاها الغبار، وتلبد التراب عليها، فلما جف عرقها أشبهت جلودها الصلاء؛ لصلابتها، فوقعت السياط على جلود هذه صفتها، وإنما خص البلد الماحل قيل: لأن أحجارها أصلب من غيرها. وقيل: هذا لا معنى له وأنها لا تتغير، وإنما خصها لأنها أكثر غباراً من البلد الكثيرة الري، فشبه تراكم الغبار على جلودها في صلابتها بصفاء البلد الكثيرة التراب.

شفنّ لخمسٍ إلى من طلب ... ن قبل الشّفون إلى نازل

شفن: أي نظرن. والشفون: النظر.

يقول: إن الخيل سارت خمس ليال لم ينزل عنها فارس، فنظرت هذه الخيل إلى من طلبته من العدو، بعد خمس ليال، قبل نظرها إلى نازل عن ظهرها؛ وذلك لأن فرسانها واصلوا سيرها حتى أدركوا مقصودهم ولم ينزلوا عنها حتى لحقوا الخارجي.

فدانت مرافقهنّ البرى ... على ثقةٍ بالدّم الغاسل

روى: البرى والثرى.

يقول: قاربت مرافقهن التراب وخالطته عند العدو، ووثقت أن دم العدو يغسل هذه المرافق من التراب الذي عليها. ويجوز أن يكون دانت بمعنى أطاعت مرافقهن التراب، لأنها وثقت أن الدم يغسلها.

وما بين كاذتي المستغير ... كما بين كاذتي البائل

<<  <   >  >>