للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: صفت وشتوت على هذه الحال، وكنا أهل عز ومنعة، فكلما سمعنا بروضة كثيرة العشب قصدنا إليها، ورعينا إبلنا فيها، وإذا علمنا بحلة غزوناها وأغرنا عليها واغتنمنا أموالها.

أو عرضت عانةٌ مفزّعةٌ ... صدنا بأخرى الجياد أولاها

العانة: قطعة من حمر الوحش. ومفزعةً: أي مسرعة، لأنها إذا فزعت أسرعت في العدو.

يقول: كنا في تلك الناحية إذا عرضت عانة من الحمير صدنا بأخرى الجياد أي بأردئها: التي تكون متأخرةً عن صواحبها في الجودة، أولى حمير الوحش: وهي السوابق منها.

أو عبرت هجمةٌ بنا تركت ... تكوس بين الشّروب عقراها

الهجمة: القطعة العظيمة من الإبل. قال الأصمعي: ما بين الأربعين إلى المئة. وتكوس: أي تمشي على ثلاث قوائم عندما عقرناها. والشروب: جمع شرب والشرب: جمع شارب. والعقري: جمع عقير.

يقول: إذا عبرت بنا قطعة من الإبل عقرنا الأدبار، فتكوس بين الشاربين.

والخيل مطرودةٌ وطاردةٌ ... تجرّ طولى القنا وقصراها

قوله: والخيل مطرودة وطاردة: أي لم تنفك غارة، ومطاردة، فتارةً لنا وتارة علينا. والطولى: تأنيث الأطول: والقصرى: تأنيث الأقصر.

يعجبها قتلها الكماة ولا ... ينظرها الدّهر بعد قتلاها

ينظرها: يؤخرها.

يقول: يعجب الخيل قتلها الكماة، ثم لا تلبث أن تقتل بعدها طلباً للثأر.

وقيل: أراد بالخيل أصحابها.

والمعنى: أنها إذا قتلت أعداءها أعجبها ذلك، وهي بعد ذلك لا يمهلها الدهر بعد من قتلت. أي: أصحاب الخيل، لأن العاقبة إلى الفناء.

وقد رأيت الملوك قاطبةً ... وسرت حتّى رأيت مولاها

يقول: رأيت الملوك كلهم، والآن رأيت عضد الدولة الذي هو سيد الملوك.

قال ابن جني: بلغني أن سيف الدولة قال لما سمع هذا البيت: أترى نحن في الجملة؟!

ومن مناياهم براحته ... يأمرها فيهم وينهاها

يقول: إن الموت تحت يده وطاعته! فهو متى شاء يأمر ملك الموت في الملوك وينهاه عنهم! أي يملك أرواح الملوك إن شاء أهلكهم وإن شاء أمهلهم.

أبا شجاعٍ بفارسٍ عضد ال ... دولة فنّاخسرو شهنشاها

هذه الأوصاف، والكنية، والاسم، نصب بدلاً من مولاها ومن روى: أنه منادي قال: أبو شجاع كنيته، وشهنشاه لقبه، وفناخسرو اسمه، وفارس مقره. أي: لقيته بفارس.

أسامياً لم تزده معرفةً ... وإنّما لذّةً ذكرناها

نصب أسامياً بفعل مضمر. أي ذكرت أساميا.

يقول: لم أذكر هذه الأسامى لزيادة معرفة بها، إذ هو بذاته وصفاته مشهورة، وإنما ذكرناها التذاذاً بذكرها.

تقود مستحسن الكلام لنا ... كما تقود السّحاب عظماها

عظماها أي معظمها. والهاء للسحاب وتقود فاعله ضمير الأسامى.

يقول: إن أساميه المذكورة، ومساعيه المشهورة، تقود لنا مستحسن الكلام في مدحه، كما يقود السحاب بعضه بعضاً وينضم إلى معظمه. وهذا كقول الآخر:

إذا امتنع الكلام عليك فامدح ... أمير المؤمنين تجد مقالا

هو النّفيس الّذي مواهبه ... أنفس أمواله وأسناها

يقول: هو كريم شريف الخطر، فلا يهب إلا أنفس أمواله، وأكرم ذخائره. وروى عن عبد الصمد أحد خزان عضد الدولة أنه أمر لأبي الطيب بألف دينار عدداً، وزن سبع مئة، فلما أنشد هذا البيت تقدم إلي بأن أبدلها بألف وازنة.

لو فطنت خيله لنائله ... لم يرضها أن تراه يرضاها

يقول: إذا رضى فرساً، وهبه لقاصده، فلو فطنت خيله لهذا الرضا منه، لم يسرها أن تراه راضياً بها؛ لأنه إذا رضيها وهبها، وهي لا تحب الانتقال عنه.

لا تجد الخمر في مكارمه ... إذا انتشى خلّةً تلافاها

خلةً نصب بتجد.

يقول: إن الخمر لا تجد في أخلاقه الكريمة خللاً قبل السكر، حتى إذا شربها تلافته وأزالته.

تصاحب الرّاح أريحيّته ... فتسقط الرّاح دون أدناها

الأريحية: الاهتزاز للكرم.

يقول: إن أريحيته تهزه للكرم وتعينها الراح، غير أن أدنى تأثير أريحيته، يزيد على أثر فعل الراح فيه.

تسرّ طرباته كرائنه ... ثمّ يزيل السّرور عقباها

الكرائن: جمع كرينة، وهي الجارية العوادة، والهاء في عقباها للطربات.

<<  <   >  >>