للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تاب وأناب١) ، ومن قائل: (إنه أصر على موقفه) ٢، ومن قائل: (إنه أطاع ظاهرًا وأنكر خفية) ٣.

ومهما يكن موقف ابن الكولة فليس ثمة دليل على أن هذه الدعوة السلفية قد خمدت، فقد استمر في حملته على المقامات والمشاهد وعلى من يتخذها وسيلة للتكسب٤ إلى أن توفي سنة (١١٧٣هـ-١٧٥٩م) ٥. وحمل الراية بعد ابن الكولة ابنه الشيخ محمد الذي كان "شديد الإنكار على جميع الأولياء٦ ".

وبذلك انقسم الموصليون إلى فريقين: فريق محافظ متأثر بالطرق الصوفية، وفريق سلفي يدعو إلى نبذ تقديس الأولياء وإلى مقاومة الصوفية، وجمع كل فريق ما استطاع من حجج للدفاع عن آرائه.

لقد كان هدف الدعوة السلفية مقاومة نفوذ المشايخ أصحاب الطرق الصوفية، ومقاومة تقديس مراقد الأولياء، وتنقية الدين من البدع بالعودة إلى التمسك بالكتاب والسنة، وكانت حركة ابن الكولة إحدى الفورات في الموصل من فورات الدعوة السلفية، سبقها فورات كثيرة وأعقبها فورات كثيرة، فالدعوة السلفية في الموصل قائمة في الماضي والحاضر وستبقى قائمة في المستقبل.

ولقد شهدنا في أيامنا صراعًا عنيفًا بين دعاة السلفية من علماء الدين والمتصوفة والمقلدين، وكانت ولا تزال مؤلفات السلفية القدامى كالإمام ابن تيمية والجدد كالشيخ محمد رشيد رضا شائعة في الموصل، يقبل عليها الناس إقبالا شديدًا.


١ السيف المهند في من اسمه أحمد (٣ مخطوط) .
٢ منهل الأولياء (١/٢٨٥) .
٣ الدر المكنون (٥٨٥ مخطوط) .
٤ الموصل في العهد العثماني (٤٠٩) .
٥ ابن الخياط -ترجمة الأولياء في الموصل الحدباء -المقدمة (١٣) .
٦ غرائب الأثر (٣٥) .

<<  <   >  >>