للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فانتفع به الناس١، حاز من الحكمة خيرًا كثيرًا٢، وكان أوحد عصره علمًا وأجلهم فهمًا٣.

وفي سنة (١١٦٩هـ-١٧٥٥م) بنى الوزير محمد أمين باشا الجليلي جامع (الباشا) في مدينة الموصل من ماله ومال أبيه الحاج حسين باشا الجليلي٤ فاختار الوزير الشيخ الجميلي ليكون أول مدرس في مدرسة جامعه٥ وكان للجميلي الحظ الأوفر عند حكام الموصل وولاتها والقبول التام ومن ندماء أعيانهم من أخلص أصدقائهم، ليس بينه وبينهم حجاب٦، وهذا يدل على أنه برز في علمه وتفوق على أقرانه من علماء الدين، فأصبح شيخ شيوخ مدينة الموصل.

ويبدو أنه لم يتقرب لذوي السلطان في محاولة للتكسب، "أراه مع ما هو عليه من مدارسة العلم، له من كسب يده، والتمسك بعروة الأسباب أو في سهم لا يعتمد بعد الله إلا على معايش اخترع أسبابها، ومصايد للرزق ابتدع اكتسابها، وذلك لئلا يكون كلا على الناس" فعمل بزازًا وحماميًا٧، أو عمل في الحرفتين معا في آن واحد. وهذا دليل على أن ذوي السلطان احتاجوا إليه فقربوه، ولم يتقرب إليهم؛ ولم يكن بحاجة إليهم؛ لأنه غني ماديًا بعمله، ومعنويًا بعلمه، وليس لديهم ما يطمع فيه.

لقد قدمه عقله وعمله وحرصه على كرامة العلم والعلماء.

والذين أرخوا لعلماء الدين في الموصل نصوا على المتصوفة منهم وذكروا لهم طريقتهم في التصوف، وأكثرهم نقشبندية أو قادرية، ولم ينصوا على أن الشيخ الجميلي كان متصوفا.


١ منهل الأولياء (١/٢٧١-٢٧٢) .
٢ شمامة العبد (٣٣٥) .
٣ السيف المهند في من اسمه أحمد (مخطوط) .
٤ جوامع الموصل (١٨١) .
٥ جوامع الموصل (١٨٥) .
٦ منهل الأولياء (١/٢٧٢) .
٧ شمامة العنبر (٣٣٥-٣٣٦) .

<<  <   >  >>