عاملاً به، أو فسدت نيته في علمه، أو استعمله في غير وجهه لا يحكم له بالفضل، وإن كان علمه فاضلاً في نفسه شريفًا عَلِيَّ الدَّرجة لكن هو كالبضاعة النفيسة في الوِعاء الخبيث.
وإذا فسد العالم لم يكن فساده مقصورًا على نفسه بل هُو فاسدٌ، مفسِدٌ، وهو فتنة على النَّاس وضرر عليهم إن كان في محل الاقتداء به لا سيَّما إذا استعمل ما علمه الله تعالى أو ما أعطاه من الجدل، والحجاج، والتفقه في استنباط الباطل، أو المراء في الدِّين، وتدقيق الحيل في بلوغ المقاصد والتقدم عند الأكابر بإنالتهم أغراضهم وتشبيه الباطل بالحق، وتلبيسه على النَّاس، أو المغالبة في المناظرة، وكيف يقال في هذا العالم أنه أفضل من صدِّيق، أو شهيد، أو أحد من المؤمنين المطيعين، كلا بل هو أشبه بإبليس حين غرَّ آدم، وحواء، بقوله: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) } والأحاديث، والآثار في تمييز علماء الآخرة من علماء السوء كثيرة، والذي استقرَّ من ذلك أنَّ العلم النَّافع في الآخرة من الفضائل العظيمة
وليس كل عالم به مستحقًا للتفضيل، والعالم المستحق للتفضيل المطلق هو الذي يعلم العِلم النَّافع شرعًا في الدُّنيا والآخرة وقام بحق علمه من عمل، أو نفع، أو هداية، أو غير ذلك من حقوق العِلم النافع فذلك هو العَالم المفضل بعلمه. انتهى كلام الزملكاني رحمه الله.