وقال البيضاوي:" نفي تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمَّة في الخيرية، وأراد به نفي التفاوت لاختصاص [كل] طبقة منهم بخاصيَّة، وفضيلة توجب خيريتها، كما أنَّ كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النشو والنماء لا يمكن إنكارها، والحكم بعدم نفعها، فإنَّ الأولين آمنوا وشاهدوا من المعجزات، وتلقوا دعوةَ الرَّسُول بالإجابة والإيمان، والآخرين آمنُوا بالغيب لما تواتر عندهُم من الآيات، واتَّبعوا من قبلهم
بإحسان، وكما أنَّ المتقدمين اجتهدوا في التأسيس والتمهيد، فالمتأخرون بذلُوا وسعهم في التلخيص، والتجريد، وصرفوا عمرهم في التقدير والتأكيد فكل مغفُور وسعيهم مشكورٌ، وأجرهم موفور.
وقال الطيبي: " تمثيل الأمة بالمطر إنما يكون بالهدى والعِلم، [كما أنَّ تمثيله صلوات الله عليه وسلاه بالغيث والهدى والعِلم] فتختص هذه الأمة المشبَّهة بالمطر، بالعُلماء الكاملين منهم، والمكملين لغيرهم. فيستدعى هذا التفسير أن يراد بالخير النفع، فلا يلزم من هذا المساواة في الأفضلية، ولو ذهب إلى الخيريَّة، فالمراد وصف الأمة قاطبة سابقها ولاحقها، أولها وآخرهَا بالخيرية، وأنها ملتحمة بعضها مع بعض، مرصوصة كالبنيان، على حد قول الأنماريَّة: هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفَاها. وقول الشَّاعِر: