لكونها مبنية على المشاحة والتضييق، ويمكن أن يقال: أنَّ هذا محمول على الدَّين الذي هو خطيئة وهو الذي استدانهُ صاحبه على وجه لا يجوز له فعله بأن أخذه بحيلة أو غصبه، فثبت في ذمَّته البدل، أو ادَّانَ غير عازم على الوفاء لأنه استثنى ذلك من الخطايا.
والأصل في الاستثناء أن يكون من الجنس، ويكون الدَّين المأذون فيه مسكوتًا عنه في هذا الاستثناء، فلا يلزم المؤاخذة به لما يلطف الله بعبده من استيفائه له، وتعويض صاحبه من فضل الله تعالى، فإن قيل فكيف تقول فيمن تاب وهو عاجز عن الوفاء ولو وجد وفاء وفى؟.
قلتُ: إن كان المال الذي لزم ذمته إنما لزمها بطريق لا يجوز تعاطي مثله، مثل: غصب أو إتلافٍ مقصود، فلا تبرأ الذمة من ذلك إلَاّ بوصوله إلى من وجب له، أو بإبرائه منه، ولا تسقطه التوبه وإنما تنفع التوبة في إسقاط العقوبة الأخرويَّة على ذلك الدَّين فيما يختص بحق الله تعالى لمخالفته إلى ما نهى الله عنه، وإن كان ذلك المال لزمه بطريق سائغ، وهو عازم على الوفاء ولم يقدر، فهذا ليس بصاحب ذنب حتى يتوب عنه، ويرجى له الخير في العقبى ما دام على هذه الحالة" انتهى.