للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ميثاقهم، وإنما أخذ ميثاق المؤمنين ببيعتهم له؛ فإن كل من كان مسلماً مهاجراً، كان يبايع النبي صلى الله عليه وسلم كما بايعه الأنصار ليلة العَقَبَة، وإنما دعاهم إلى تحقيق الإيمان وتكميله بأداء ما يجب من تمامه باطناً وظاهراً، كما نسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم في كل صلاة، وإن كان قد هدى المؤمنين للإقرار بما جاء به الرسول جملة، لكن الهداية المفصلة في جميع ما يقولونه ويفعلونه في جميع أمورهم لم تحصل، وجميع هذه الهداية الخاصة المفصلة هي من الإيمان المأمور به. وبذلك يخرجهم الله من الظلمات إلى النور.

فصْل:

وزيادة الإيمان الذي أمر الله به، والذي يكون من عباده المؤمنين، يعرف من وجوه:

أحدها: الإجمال والتفصيل فيما أمروا به، فإنه وإن وجب على جميع الخلق الإيمان بالله ورسوله، ووجب على كل أمة التزام ما يأمر به رسولهم مجملاً، فمعلوم أنه لا يجب في أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله، ولا يجب على كل عبد من الإيمان المفصل مما أخبر به الرسول، ما يجب على من بلغه غيره، فمن عرف القرآن والسنن ومعانيها، لزمه من الإيمان المفصل بذلك ما لا يلزم غيره، ولو آمن الرجل بالله وبالرسول باطناً وظاهراً، ثم مات قبل أن يعرف شرائع الدين، مات مؤمناً بما وجب عليه من الإيمان، وليس ما وجب عليه ولا ما وقع عنه مثل إيمان من عرف الشرائع فآمن بها وعمل بها، بل إيمان هذا أكمل وجوباً ووقوعاً، فإن ما وجب عليه من الإيمان أكمل، وما وقع منه أكمل.

وقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] أي: في التشريع بالأمر والنهي، ليس المراد أن كل واحد من الأمة وجب عليه ما يجب على سائر الأمة، وأنه فعل ذلك، بل في الصحيحين عن النبي صلىالله عليه وسلم، أنه وصف النساء بأنهن ناقصات عقل ودين، وجعل نقصان عقلها، أن شهادة امرأتين، شهادة رجل واحد، ونقصان دينها أنها إذا حاضت لا تصوم ولا تصلي، وهذا النقصان ليس

<<  <   >  >>