للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حبيب من الصحابة: إذا ذكرنا الله وحمدناه وسبحناه فتلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا وضَيَّعْنا فتلك نقصانه وهو كذلك. وكان معاذ بن جبل يقول لأصحابه: اجلسوا بنا ساعة نؤمن، قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الكهف: ٢٨] ، وقال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: ٥٥] ، وقال تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى} [الأعلى: ١٠، ١١] ثم كلما تذكر الإنسان ما عرفه قبل ذلك، وعمل به، حصل له معرفة شيء آخر لم يكن عرفه قبل ذلك وعرف من معاني أسماء الله وآياته ما لم يكن عرفه قبل ذلك، كما في الأثر: " من عَمِل بما عَلِم وَرَّثَهُ الله علم ما لم يَعْلَمْ ". وهذا أمر يجده في نفسه كل مؤمن.

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " مثل الذي يَذْكُر ربه والذي لا يذكر ربه، مثل الحي والميت "، قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: ٢] ، وذلك أنها تزيدهم علم ما لم يكونوا قبل ذلك علموه، وتزيدهم عملاً بذلك العلم، وتزيدهم تذكراً لما كانوا نسوه، وعملاً بتلك التذكرة، وكذلك ما يشاهده العباد من الآيات في الآفاق، وفي أنفسهم قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: ٥٣] أي: أن القرآن حق، ثم قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: ٥٣] ، فإن الله شهيد في القرآن بما أخبر به، فآمن به المؤمن ثم أراهم في الآفاق وفي أنفسهم من الآيات، ما يدل على مثل ما أخبر به في القرآن، فبينت لهم هذه الآيات، أن القرآن حق مع ما كان قد حصل لهم قبل ذلك.

وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} [ق: ٦: ٨] ، فالآيات المخلوقة والمتلوة، فيها تبصرة، وفيها تذكرة: تبصرة من العمى، وتذكرة من الغفلة، فيبصر من لم يكن عرف حتى يعرف، ويذكر من عرف ونسى، والإنسان يقرأ السورة مرات، حتى سورة

<<  <   >  >>