للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي: الاستثناء جائز، ومن قال: أنا مؤمن حقاً، ولم يقل: عند الله، ولم يستثن، فذلك عندي جائز وليس بمرجئ، وبه قال أبو خَيْثَمَة وابن أبي شيبة، وذكر الشالنجي أنه سأل أحمد بن حنبل عن المُصِرِّ على الكبائر يطلبها بجهده، أي: يطلب الذنب بجهده، إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصوم؛ هل يكون مصراً من كانت هذه حاله؟ قال: هو مصر مثل قوله: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " يخرج من الإيمان، ويقع في الإسلام، ومن نحو قوله: " ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " ومن نحو قول ابن عباس في قوله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] ، فقلت له: ما هذا الكفر؟ قال: كفر لا ينقل عن الملة، مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. وقال ابن أبي شيبة: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " لا يكون مستكمل الإيمان، يكون ناقصاً من إيمانه.

قال الشالنجي: وسألت أحمد عن الإيمان والإسلام. فقال: الإيمان قول وعمل، والإسلام إقرار، قال: وبه قال أبو خيثمة. وقال ابن أبي شيبة: لا يكون إسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام، وإذا كان على المخاطبة فقال: قد قبلت الإيمان، فهو داخل في الإسلام، وإذا قال: قد قبلت الإسلام فهو داخل في الإيمان. وقال محمد بن نصر المروزي: وحكي غير هؤلاء أنه سأل أحمد بن حنبل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " فقال: من أتى هذه الأربعة أو مثلهن أو فوقهن فهو مسلم، ولا أسميه مؤمنا، ومن أتى دون ذلك، يريد دون الكبائر، أسميه مؤمناً ناقص الإيمان.

قلت: أحمد بن حنبل كان يقول تارة بهذا الفرق، وتارة كان يذكر الاختلاف ويتوقف، وهو المتأخر عنه، قال أبو بكر الأثرم في [السنة] : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الاستثناء في الإيمان: ما تقول فيه؟ فقال: أما أنا فلا أعيبه، أي من الناس من يعيبه. قال أبو عبد الله: إذا كان يقول: إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، فاستثنى مخافة واحتياطاً، ليس كما يقولون على الشك، إنما يستثنى

<<  <   >  >>