للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [البقرة: ١٧، ١٨] إلى ما كانوا عليه.

وأما قول من قال: المراد بالنور: ما حصل في الدنيا من حقن دمائهم وأموالهم، فإذا ماتوا سلبوا ذلك الضوء كما سلب صاحب النار ضوءه، فلفظ الآية يدل على خلاف ذلك، فإنه قال: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} ويوم القيامة يكونون في العذاب كما قال تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} الآية [الحديد: ١٣، ١٤] ، وقد قال غير واحد من السلف: إن المنافق يعطي يوم القيامة نوراً ثم يطفأ؛ ولهذا قال تعالى: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا} [التحريم: ٨] . قال المفسرون: إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يطفأ، سألوا الله أن يتم لهم نورهم ويبلغهم به الجنة.

قال ابن عباس: ليس أحد من المسلمين إلا يعطي نوراً يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره، وأما المؤمن فيشفق مما رأى من إطفاء نور المنافق، فهو يقول: {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} ، وهو كما قال: فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وهو ثابت من وجوه أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه مسلم من حديث جابر، وهو معروف من حديث ابن مسعود وهو أطولها ومن حديث أبي موسى في الحديث الطويل الذي يذكر فيه أنه ينادى يوم القيامة: " لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، وهذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله

<<  <   >  >>