للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] يريد بذلك المراءاة بالأعمال الصالحة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الطيرة شرك ".

قال محمد بن نصر: فهذان مذهبان هما في الجملة، محكيان عن أحمد بن حنبل في موافقيه من أصحاب الحديث، حكى الشالنجي إسماعيل بن سعيد: أنه سأل أحمد بن حنبل عن المصر على الكبائر يطلبها بجهده، إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصيام، هل يكون مصراً من كانت هذه حاله؟ قال: هو مصر، مثل قوله: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام، ومن نحو قوله: " لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن "، ومن نحو قول ابن عباس في قوله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] ، فقلت له: ما هذا الكفر؟ فقال: كفر لا ينقل عن الملة، مثل الإيمان بعضه دون بعض، وكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. وقال ابن أبي شيبة: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ": لا يكون مستكمل الإيمان، يكون ناقصاً من إيمانه، قال: وسألت أحمد ابن حنبل عن الإسلام والإيمان، فقال: الإيمان قول وعمل، والإسلام إقرار، قال: وبه قال أبو خيثمة، وقال ابن أبي شيبة: لا يكون الإسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام.

قلت: وقد تقدم تمام الكلام بتلازمهما وإن كان مسمى أحدهما ليس هو مسمى الآخر، وقد حكي غير واحد إجماع أهل السنة والحديث على أن الإيمان قول وعمل. قال أبو عمر ابن عبد البر في [التمهيد] : أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والطاعات كلها عندهم إيمان إلا ما ذكر عن أبي حنيفة وأصحابه،

<<  <   >  >>