للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنهم ذهبوا إلى أن الطاعة لا تسمى إيماناً، قالوا: إنما الإيمان التصديق والإقرار، ومنهم من زاد المعرفة وذكر ما احتجوا به. . . إلى أن قال:

وأما سائر الفقهاء من أهل الرأي والآثار بالحجاز والعراق والشام ومصر منهم مالك بن أنس، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وداود بن علي، والطبري، ومن سلك سبيلهم، فقالوا: الإيمان قول وعمل، قول باللسان وهو الإقرار، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، مع الإخلاص بالنية الصادقة. قالوا: وكل ما يطاع الله عز وجل به من فريضة ونافلة فهو من الإيمان، والإيمان يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، وأهل الذنوب عندهم مؤمنون غير مستكملي الإيمان من أجل ذنوبهم، وإنما صاروا ناقصي الإيمان بارتكابهم الكبائر. ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " الحديث، يريد: مستكمل الإيمان، ولم يرد به نفي جميع الإيمان عن فاعل ذلك، بدليل الإجماع على توريث الزاني والسارق وشارب الخمر، إذا صلوا إلى القبلة وانتحلوا دعوة الإسلام، من قراباتهم المؤمنين الذين ليسوا بتلك الأحوال، واحتج على ذلك، ثم قال: وأكثر أصحاب مالك على أن الإيمان والإسلام شيء واحد.

قال: وأما قول المعتزلة، فالإيمان عندهم جماع الطاعات، ومن قصر منها عن شيء فهو فاسق، لا مؤمن ولا كافر، وهؤلاء هم المتحققون بالاعتزال أصحاب المنزلة بين المنزلتين. . . . إلى أن قال: وعلى أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وعليه جماعة أهل الآثار، والفقهاء من أهل الفتيا في الأمصار. وروى ابن القاسم عن مالك: أن الإيمان يزيد وتوقف في نقصانه. وروي عنه عبد الرزاق، ومعن بن عيسى، وابن نافع: أنه يزيد وينقص، وعلى هذا مذهب الجماعة من أهل الحديث، والحمد لله.

ثم ذكر حجج المرجئة، ثم حجج أهل السنة، ورد على الخوارج التكفير بالحدود المذكورة للعصاة في الزنا والسرقة، ونحو ذلك، وبالموارثة وبحديث

<<  <   >  >>