للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعذب في النار إن لم يغفر الله له ذنوبه؛ ولهذا قال من قال: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو مؤمن ناقص الإيمان. والذين لا يسمونه مؤمناً من أهل السنة ومن المعتزلة يقولون: اسم الفسوق ينافي اسم الإيمان لقوله: {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ} [الحجرات: ١١] ، وقوله: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: ١٨] ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ".

وعلى هذا الأصل فبعض الناس يكون معه شعبة من شعب الكفر، ومعه إيمان أيضاً، وعلى هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية كثير من الذنوب كفراً، مع أن صاحبها قد يكون معه أكثر من مثقال ذرة من إيمان فلا يخلد في النار. كقوله: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "، وقوله: " لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض " وهذا مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من غير وجه، فإنه أمر في حجة الوداع أن ينادى به في الناس، فقد سمى من يضرب بعضهم رقاب بعض بلا حق كفاراً، وسمى هذا الفعل كفراً، ومع هذا فقد قال تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ٩، ١٠] ، فبين أن هؤلاء لم يخرجوا من الإيمان بالكلية، ولكن فيهم ما هو كفر وهي هذه الخصلة، كما قال بعض الصحابة: كفر دون كفر. وكذلك قوله: " من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما " فقد سماه أخاه حين القول، وقد أخبر أن أحدهما باء بها، فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه، بل فيه كفر.

<<  <   >  >>