الإسلام من جنس الدين والعمل والطاعة والانقياد والخضوع، فمن ابتغى غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه، والإيمان طمأنينة ويقين، أصله علم وتصديق ومعرفة والدين تابع له، يقال: آمنت بالله وأسلمت لله. قال موسى:{يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ}[يونس: ٤٨] . فلو كان مسماهما واحدًا كان هذا تكريرًا، وكذلك قوله:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[الأحزاب: ٣٥] ، كما قال: والصادقين والصابرين والخاشعين، فالمؤمن متصف بهذا كله، لكن هذه الأسماء لا تطابق الإيمان في العموم والخصوص، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت وإليك أنبت، وبك خاصمت وإليك حاكمت " كما ثبت في الصحيحين أنه كان يقول ذلك إذا قام من الليل، وثبت في صحيح مسلم وغيره أنه كان يقول في سجوده:" اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت " وفي الركوع يقول: " لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت "، ولما بين النبي صلى الله عليه وسلم خاصة كل منهما قال:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس علي دمائهم وأموالهم "، ومعلوم أن السلامة من ظلم الإنسان غير كونه مأمونًا على الدم والمال، فإن هذا أعلى، والمأمون يسلم الناس من ظلمه وليس من سلموا من ظلمه يكون مأمونًا عندهم.
قال محمد بن نصر: فمن زعم أن الإسلام هو الإقرار، وأن العمل ليس منه، فقد خالف الكتاب والسنة، وهذا صحيح؛ فإن النصوص كلها تدل على أن الأعمال من الإسلام، قال: ولا فرق بينه وبين المرجئة؛ إذ زعمت أن الإيمان إقرار بلا عمل.
فيقال: بل بينهما فرق، وذلك أن هؤلاء الذين قالوه من أهل السنة كالزهري ومن وافقه يقولون: الأعمال داخلة في الإيمان، والإسلام عندهم جزء من الإيمان والإيمان عندهم أكمل، وهذا موافق للكتاب والسنة. ويقولون: