الناس يتفاضلون في الإيمان وهذا موافق للكتاب والسنة، والمرجئة يقولون: الإيمان بعض الإسلام والإسلام أفضل، ويقولون: إيمان الناس متساو فإيمان الصحابة وأفجر الناس سواء، ويقولون: لا يكون مع أحد بعض الإيمان دون بعض، وهذا مخالف للكتاب والسنة.
وقد أجاب أحمد عن هذا السؤال كما قاله في إحدى روايتيه: إن الإسلام هو الكلمة قال الزهري: فإنه تارة يوافق من قال ذلك، وتارة لا يوافقه، بل يذكر ما دل عليه الكتاب والسنة من أن الإسلام غير الإيمان، فلما أجاب بقول الزهري قال له الميموني: قلت: يا أبا عبد الله، تفرق بين الإسلام والإيمان؟ قال: نعم، قلت: بأي شيء تحتج؟ قال: عامة الأحاديث تدل على هذا، ثم قال:" لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ". وقال تعالى:{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات: ١٤] قلت له: فتذهب إلى ظاهر الكتاب مع السنن؟ قال: نعم، قلت: فإذا كانت المرجئة تقول: إن الإسلام هو القول، قال: هم يصيرون هذا كله واحدًا ويجعلونه مسلمًا، ومؤمنًا شيئًا واحدًا على إيمان جبريل، ومستكمل الإيمان، قلت: فمن هاهنا حجتنا عليهم؟ قال: نعم. فقد أجاب أحمد بأنهم يجعلون الفاسق مؤمنًا مستكمل الإيمان على إيمان جبريل.
وأما قوله: يجعلونه مسلمًا ومؤمنًا شيئًا واحدًا، فهذا قول من يقول: الدين والإيمان شيء واحد، فالإسلام هو الدين، فيجعلون الإسلام والإيمان شيئًا واحدًا، وهذا القول قول المرجئة فيما يذكره كثير من الأئمة، كالشافعي وأبي عبيد وغيرهما، ومع هؤلاء يناظرون، فالمعروف من كلام المرجئة، الفرق بين لفظ الدين والإيمان، والفرق بين الإسلام والإيمان، ويقولون: الإسلام بعضه إيمان وبعضه أعمال، والأعمال منها فرض ونفل، ولكن كلام السلف كان فيما يظهر لهم ويصل إليهم من كلام أهل البدع كما تجدهم في الجهمية، إما يحكون عنهم أن الله في كل مكان، وهذا قول طائفة منهم كالنجارية، وهو قول عوامهم وعبادهم، وأما جمهور نظارهم من الجهمية، والمعتزلة، والضِّرَارية، وغيرهم،