سواء، وهم المعتزلة والخوارج، وطائفة من أهل الحديث والسنة وحكاه محمد بن نصر عن جمهورهم، وليس كذلك، والقول الثالث: أن الإيمان أكمل وأفضل، وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة في غير موضع، وهو المأثور عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
ثم هؤلاء منهم من يقول: الإسلام مجرد القول. والأعمال ليست من الإسلام، والصحيح أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة كلها، وأحمد إنما منع الاستثناء فيه على قول الزهري: هو الكلمة. هكذا نقل الأثرم، والميموني وغيرهما عنه، وأما على جوابه الآخر الذي لم يختر فيه قول من قال: الإسلام الكلمة، فيستثنى في الإسلام كما يستثنى في الإيمان، فإن الإنسان لا يجزم بأنه قد فعل كل ما أمر به من الإسلام، وإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده "، و " بني الإسلام على خمس "، فجزمه بأنه فعل الخمس بلا نقص كما أمر كجزمه بإيمانه، فقد قال تعالى:{ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً}[البقرة: ٢٠٨] أي الإسلام كافة، أي في جميع شرائع الإسلام.
وتعليل أحمد وغيره من السلف ما ذكروه في اسم الإيمان يجيء في اسم الإسلام، فإذا أريد بالإسلام الكلمة فلا استثناء فيه، كما نص عليه أحمد وغيره، وإذا أريد به من فعل الواجبات الظاهرة كلها، فالاستثناء فيه كالاستثناء في الإيمان، ولما كان كل من أتى بالشهادتين صار مسلمًا متميزًا عن اليهود والنصارى، تجري عليه أحكام الإسلام التي تجري على المسلمين، كان هذا مما يجزم به بلا استثناء فيه؛ فلهذا قال الزهري: الإسلام الكلمة، وعلى ذلك وافقه أحمد وغيره، وحين وافقه لم يرد أن الإسلام الواجب هو الكلمة وحدها، فإن الزهري أجل من أن يخفى عليه ذلك؛ ولهذا أحمد لم يجب بهذا في جوابه الثاني خوفًا من أن يظن أن الإسلام ليس هو إلا الكلمة، ولهذا لما قال الأثرم لأحمد: فإذا قال: أنا مسلم