الحُدَيْبِيَةِ قوله:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠] ، وهذا قد يقال: إنما نهى عن التمسك بالعِصْمَة من كان متزوجاً كافرة، ولم يكونوا حينئذ متزوجين إلا بمشركة وثنية، فلم يدخل في ذلك الكتابيات.
فصل:
وكذلك لفظ [الصالح] و [الشهيد] و [الصديق] ، يذكر مفرداً؛ فيتناول النبيين، قال تعالى في حق الخليل:{وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[العنكبوت: ٢٧] ، وقال:{وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[النحل: ١٢٢] ، وقال الخليل:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[الشعراء: ٨٣] ، وقال يوسف:{تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف: ١٠١] ، وقال سليمان:{وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}[النمل: ١٩] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق على صحته لما كانوا يقولون في آخر صلاتهم:"السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: " إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة، فليقل: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض " الحديث. وقد يذكر [الصالح] مع غيره، كقوله تعالى:{فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ}[النساء: ٦٩] . قال الزجاج وغيره: الصالح: القائم بحقوق الله وحقوق عباده. ولفظ [الصالح] خلاف الفاسد؛ فإذا أطلق فهو الذي أصلح جميع أمره، فلم يكن فيه شيء من الفساد، فاستوت سريرته وعلانيته، وأقواله وأعماله على ما يرضى ربه، وهذا يتناول النبيين ومن دونهم. ولفظ [الصديق] قد جعل هنا معطوفًا على النبيين، وقد وصف به النبيين في