للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل قوله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} [مريم: ٤١] ، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} [مريم: ٥٦] .

وكذلك [الشهيد] ، قد جعل هنا قرين الصديق والصالح، وقد قال: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الزمر: ٦٩] . ولما قيدت الشهادة على الناس وصفت به الأمة كلها في قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] ، فهذه شهادة مقيدة بالشهادة على الناس، كالشهادة المذكورة في قوله: {لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء} [النور: ١٣] ، وقوله: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] . وليست هذه الشهادة المطلقة في الآيتين، بل ذلك كقوله: {وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء} [آل عمران: ١٤٠] .

فصل

وكذلك لفظ [المعصية] و [الفسوق] و [الكفر] ، فإذا أطلقت المعصية لله ورسوله دخل فيها الكفر والفسوق، كقوله: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣] ، وقال تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [هود: ٥٩] ، فأطلق معصيتهم للرسل بأنهم عصوا هودًا معصية تكذيب لجنس الرسل، فكانت المعصية لجنس الرسل كمعصية من قال: {فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ} [الملك: ٩] ، ومعصية من كذب وتولى، قال تعالى: {لا يَصْلاهَا إِلَّا الأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: ١٥، ١٦] ، أي: كذب بالخبر، وتولي عن طاعة الأمر، وإنما على الخلق أن يصدقوا الرسل فيما أخبروا، ويطيعوهم فيما أمروا. وكذلك قال في فرعون: {فَكَذَّبَ وَعَصَى} [النازعات: ٢١] ، وقال عن جنس الكافر: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة: ٣١، ٣٢] . فالتكذيب للخبر، والتولي عن الأمر. وإنما الإيمان

<<  <   >  >>