للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية عام أنهن لا يعصينه في معروف. ومعصيته لا تكون إلا في معروف؛ فإنه لا يأمر بمنكر، لكن هذا كما قيل: فيه دلالة على أن طاعة أولي الأمر إنما تلزم في المعروف، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنما الطاعة في المعروف "، ونظير هذا قوله: {اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] ، وهو لا يدعو إلا إلى ذلك. والتقييد هنا لا مفهوم له؛ فإنه لا يقع دعاء لغير ذلك، ولا أمر بغير معروف، وهذا كقوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣] ، فإنهن إذا لم يردن تحصنًا، امتنع الإكراه. ولكن في هذا بيان الوصف المناسب للحكم، ومنه قوله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: ١١٧] ، وقوله: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ} [البقرة: ٦١] .

فالتقييد في جميع هذا للبيان والإيضاح، لا لإخراج في وصف آخر؛ ولهذا يقول من يقول من النحاة: الصفات في المعارف للتوضيح لا للتخصيص، وفي النكرات للتخصيص، يعني في المعارف التي لا تحتاج إلى تخصيص، كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى: ١، ٢] ، وقوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف: ١٥٧] ، وقوله: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ٢، ٣] . والصفات في النكرات إذا تميزت تكون للتوضيح أيضًا، ومع هذا فقد عطف المعصية على الكفر والفسوق في قوله: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: ٧] ، ومعلوم أن الفاسق عاص أيض

فصل:

ومن هذا الباب [ظلم النفس] فإنه إذا أطلق تناول جميع الذنوب، فإنها ظلم

<<  <   >  >>