الحيوان مجاز لم يكن بين الدعويين فرق الا كثرة الاستعمال في ميل الحيوان لكن يستعمل مقيدا بما يبين أنه أريد به ميل الحيوان وهنا استعمل مقيدا بما يبين أنه أريد به ميل الجماد والقدر المشترك بين مسميات الأسماء المتواطئة أمر كلى عام لا يوجد كليا عاما الا في الذهن وهو مورد التقسيم بين الأنواع لكن ذلك المعنى العام الكلي كان أهل اللغة لا يحتاجون إلى التعبير عنه لأنهم إنما يحتاجون إلى ما يوجد في الخارج وإلى ما يوجد في القلوب في العادة وما لا يكون في الخارج إلا مضافا إلى غيره لا يوجد في الذهن مجردا بخلاف لفظ الإنسان والفرس فانه لما كان يوجد في الخارج غير مضاف تعودت الأذهان تصور مسمى الإنسان ومسمى الفرس بخلاف تصور مسمى الإرادة ومسمى العلم ومسمى القدرة ومسمى الوجود المطلق العام فان هذا لا يوجد له في اللغة لفظ مطلق يدل عليه بل لا يوجد لفظ الارادة الا مقيدا بالمريد ولا لفظ العلم الا مقيدا بالعالم ولا لفظ القدرة الا مقيدا بالقادر بل وهكذا سائر الأعراض لما لم توجد الا في محالها مقيدة بها لم يكن لها في اللغة لفظ الا كذلك.
فلا يوجد في اللغة لفظ السواد والبياض والطول والقصر إلا مقيدا بالأسود والأبيض والطويل والقصير ونحو ذلك؛ لا مجردا عن كل قيد وإنما يوجد مجردا في كلام المصنفين في اللغة، لأنهم فهموا من كلام أهل اللغة ما يريدون به من القدر المشترك، ومنه قوله تعالى:{فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}[النحل: ١١٢] ، فإن من الناس من يقول: الذوق حقيقة في
الذوق بالفم واللباس بما يلبس على البدن، وانما استعير هذا وهذا وليس كذلك بل قال الخليل الذوق في لغة العرب هو وجود طعم الشىء والاستعمال يدل على ذلك قال تعالى:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ}[السجدة: ٢١] ، وقال:{ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}[الدخان: ٤٩] ، وقال:{فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا}[الطلاق: ٩] ، وقال:{فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}[آل عمران: ١٠٦] ، {فَذُوقُوا