انه يظهر لهم في الدنيا خلاف ما أبطن في الآخرة وقيل هو تجهيلهم وتخطئتهم فيما فعلوه وهذا كله حق وهو استهزاء بهم حقيقة.
ومن الأمثلة المشهورة لمن يثبت المجاز في القرآن:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] ، قالوا المراد به أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه فقيل لهم لفظ القرية والمدينة والنهر والميزاب وأمثال هذه الأمور التى فيها الحال والمحال كلاهما داخل في الاسم ثم قد يعود الحكم على الحال وهو السكان وتارة على المحل وهو المكان وكذلك في النهر يقال حفرت النهر وهو المحل وجرى النهر وهو الماء ووضعت الميزاب وهو المحل وجرى الميزاب وهو الماء وكذلك القرية، قال تعالى:{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً}[النحل: ١١٢] ، وقوله:{وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}[الأعراف: ٤، ٥] ، وقال في آية أخرى:{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ}[الأعراف: ٩٧] . فجعل القرى هم السكان. وقال:{وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ}[محمد: ١٣] . وهم السكان. وكذلك قوله تعالى:{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا}[الكهف: ٥٩] . وقال تعالى:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}[البقرة: ٢٥٩] . فهذا المكان لا السكان لكن لابد أن يلحظ أنه كان مسكونا فلا يسمى قرية إلا إذا كان قد عمر للسكنى مأخوذ من القرى وهو الجمع ومنه قولهم: قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه.