ووجه استشهاد المؤلف بهذين البيتين الذين ذكرهما الشافعي رحمه الله أن حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واحترامهم دين وإيمان وإحسان وليس رفضا وتشيعا شريطة ألا يجر ذلك إلى مس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدنى شيء من السب والطعن وحطهم عن المنازل التي أنزلهم الله فيها كما أن معنى الاعتزال الذي قرره القرآن هو الابتعاد عن الشرك وأهله والبراءة من كل ما يخل التوجه إلى الله وإخلاص العبادة له وليس معنى الاعتزال في القرآن ما اصطلح عليه الفقهاء والمتكلمون والنظار من إطلاقه على مفارقة جماعة من تلاميذ الحسن البصري مجلسه مخافتا ورفضا لما ذهب إليه مما يعتقده السلف الصالح من أصول الدين من أن مرتكب الكبيرة مؤمن لا يخلد في النار إذا مات قبل أن يتوب عنها حيث ذهب هؤلاء المعتزلون عن مجلس الحسن إلى أن مرتكب الكبيرة يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر وهو بين منزلتين (الإيمان والكفر) ويخلد في النار، والمعتزلة موافقون للخوارج هنا في حكم الآخرة فإنهم موافقون على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، قالت الخوارج: نسميه كافرا وقالت المعتزلة: نسميه فاسقا فالخلاف بينهم لفظي فقط، وأهل السنة أيضا متفقون على أنه يستحق الوعيد المرتب على ذلك الذنب كما وردت به النصوص لا كما يقوله المرجئية من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب ولا ينفع مع الكفر طاعة وإذا اجتمعت نصوص الوعد التي استدلت بها المرجئية ونصوص الوعيد التي استدلت بها الخوارج والمعتزلة: تبين لك فساد القولين ولا فائدة في كلام هؤلاء سوى أنك تستفيد من كلام كل طائفة فساد مذهب الطائفة الأخرى. اهـ شرح الطحاوية ص ٢١٨. والذين وافقوه فيما ذكر الجهمية المحضة كالقرامطة والإسماعيلية حيث وصفوه بالنفي فقط فقالوا ليس بحي ولا سميع ولا بصير فإذا قيل لهؤلاء: هذا مستلزم وصفه بنقيض ذلك كالموت والصمم والبكم قالوا: إنما يلزم ذلك لو كان قابلا لذلك وهذا الاعتذار يزيد قولهم فسادا وكذلك من ضاهى هؤلاء وهم الذين يقولون: ليس بداخل العالم ولا خارجه إذا قيل=