للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم "شفاء من كل داء" *.

هل المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم "شفاء من كل داء" العموم أو الخصوص. على قولين للعلماء.

١- القائلون بالتخصيص:

قال الخطابي: "هذا من عموم اللفظ الذي يراد به الخصوص وليس يجمع في طبع شيء من النبات والشجر جميع القوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدواء على اختلافها، وتباين طبعها، وإنما أراد أنه شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم. وذلك أنه حار يابس فهو شفاء بإذن الله للداء المقابل له في الرطوبة والبرودة. وذلك أن الدواء أبداً بالمضاد، والغذاء بالمشاكل" (١) .

وقال أبو بكر بن العربي: "العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء، ومع ذلك فإن من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به، فإن كان المراد بقوله في العسل "فيه شفاء للناس" الأكثر الأغلب فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى" (٢) .


*من الغرائب أنني قرأت لأحد المعاصرين من المجربين في طب الأعشاب (كتاب: الشفاء في الحبة السوداء بين التجربة والبرهان) أن من مدلول قوله صلى الله عليه وسلم (فيها شفاء) وليس هي شفاء: وجوب استخدامها مع أعشاب أخرى وعدم استخدامها بمفردها (!!) ذلك لأن الشفاء من أحد مركباتها. وسبب مثل هذه الغرائب الخوض فيما لا يحسن المرء فإن مثل هذا القول كما ترى في هذا المبحث لم يقل به عالم من علماء الشرع الذين عرفوا اللغة ومدلولات النصوص الشرعية، ومن جهة أخرى تشهد البحوث الطبية المعاصرة على أن الحبة السوداء مفيدة بمفردها كما سنرى في الفصل الثاني من هذا البحث.
(١) تحفة الأحوذي ج ٦ / ١٦٣.
(٢) فتح الباري١٠/ ١٤٥.

<<  <   >  >>