بزعمهم ومدى صحة اتباعهم لأقوالهم. أما أن التقليد ليس بعلم فلأن الله تعالى قد ذمه في غير ما آية في القرآن الكريم ولذلك تتابعت كلمات الأئمة المتقدمين على النهي عنه وقد عقد إمام الأندلس ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه الجليل "جامع بيان العلم وفضله" بابا خاصا في تحقيق ذلك فقال ما ملخصه "٢/١٠٩ - ١١٤":
باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع:
قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١] وروي عن حذيفة وغيره قالوا: "لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم" وقال عدي بن حاتم: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقي صليب فقال لي: "يا عدي ألق هذا الوثن من عنقك" وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة "براءة" حتى أتى على هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: قلت: يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا قال "بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون ما أحل الله لكم فتحرمونه؟ " فقلت: بلى فقال: "تلك عبادتهم". وقال عز وجل:{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ}[الزخرف: ٢٣, ٢٤] فمنعهم