وقد يقول قائل: ليس كل أحد يستطيع أن يكون عالما بهذا المعنى. فنقول: نعم هو كذلك ولكن من الذي ينازع في ذلك والله عز وجل يقول: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ويقول: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} وقال صلى الله عليه وآله وسلم لمن أفتوا بجهل: "ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال" على أن البحث لم يكن في تحديد من يستطيع ذلك ومن لا يستطيع بل سياق الكلام يدل أنه منصب على الخاصة الذين يظن أنهم من أهل العلم ويظن أن في إمكانهم معرفة المسائل أو بعضها على الأقل بالدليل وهم في الحقيقة علماء بأقوال المذهب جهلاء بالكتاب والسنة فالسؤال غير وارد أصلا لا سيما وقد ذكرت في مطلع هذا الفصل أن النص الأصولي المذكور أفادنا أمرين هامين:
الأول: أن التقليد ليس بعلم نافع وقد بينت ذلك بما فيه مقنع إن شاء الله
والأمر الآخر: أنه وظيفة العامي الجاهل فخرج به العالم المتمكن من معرفة الأدلة وأنه هو الذي ليس التقليد وظيفة وإنما الاجتهاد وهذا مما يوضحه شرح الأمر الآخر فأقول: قال ابن عبد البر عقب ما سبق نقله عنه ملخصا: