للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء

أنهم العلماء بكتاب الله وسنة رسوله فقط. بل طالما سمعنا الكثيرين منهم يوردون هذا الحديث بمناسبة موت أحد شيوخ التقليد وكذلك يسيئون فهم بقية الحديث: "حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ولفظ البخاري: برأيهم "فضلوا وأضلوا" فيظنون أن المراد بهم العوام الذين لا علم عندهم بالفقه التقليدي ولا معرقة لهم بالمذاهب والحقيقة أنه يدخل في هذا الوصف المقلدة الذين قنعوا من العلم بمعرفة اجتهادات الأئمة وتقليدهم فيها على غير بصيرة كما سبقت الإشارة إلى هذا المعنى في كلام ابن عبد البر الأندلسي. ويؤيد ما ذكرنا استدلال العلماء بهذا الحديث على جواز خلو الزمان من مجتهد على تفصيل مذكور في "فتح الباري" "١٣/٢٤٤" فقد أشاروا بذلك إلى أن المقصود بالعلماء فيه المجتهدون وبالرؤوس: الجهال المقلدون.

والسر في هذا الجهل المطبق إنما هو جهلهم بحقيقة العلم ومن هو العالم الذي تنصرف إليه الآيات والأحاديث كلما ذكر فيها كقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: من الآية٩] وقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: من الآية١١] وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "فضل العالم على العابد


١ "متفق عليه".

<<  <   >  >>