للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ورضي له قولا من الشفعاء، ومن أذن له الرحمن ورضي له قولا من المشفوع له، وهى تنفع المشفوع له، فتخلصه من العذاب، وتنفع الشافع، فتقبل منه، ويكرم بقبولها، ويثاب عليه.

والشفاعة يومئذ لا تنفع لا شافعاً ولا مشفوعاً له {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: ٣٨] ، فهذا الصنف المأذون لهم، المرضي قولهم، هم الذين يحصل لهم نفع الشفاعة، وهذا موافق لسائر الآيات.

فإنه تارة يشترط في الشفاعة إذنه، كقوله: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] .

وتارة يشترط فيها الشهادة بالحق، كقوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} ثم قال: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦]

وهنا اشترط الأمرين: أن يأذن له الرحمن، وأن يقول صواباً، والمستثنى يتناول مصدر الفاعل والمفعول، كما تقول: لا ينفع الزرع إلا في وقته، فهو يتناول زرع الحارث، وزرع الأرض، لكن هنا قال: {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} والاستثناء مفرغ فإنه لم يتقدم قبل هذا من يستثنى منه هذا، وإنما قال: {لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} ، فإذا لم يكن في الكلام حذف، كان المعنى: لا تنفع الشفاعة إلا هذا النوع؛ فإنهم تنفعهم الشفاعة، ويكون المعنى: أنها تنفع الشافع والمشفوع له.

وإن جعل فيه حذف تقديره: لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أذن له الرحمن كان المصدر مضافاً إلى النوعين، كل واحد بحسبه، يضاف إلى بعضهم، لكونه شافعاً، وإلى بعضهم لكونه مشفوعاً له، ويكون هذا كقوله:

<<  <   >  >>