للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني فعلت كذا وكذا، نفسي، نفسي، نفسي ". فإذا كان هؤلاء لا يتقدمون إلى مخاطبة الله تعالى تعالى بالشفاعة، فكيف بغيرهم؟

وأيضاً، فإن هذه الآية مذكورة بعد ذكر المتقين وأهل الجنة، وبعد أن ذكر الكافرين، فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا وَكَأْسًا دِهَاقًا لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: ٣١ ٣٨] ،فقد أخبر أن الروح والملائكة يقومون صفاً، لا يتكلمون. وهذا هو تحقيق قوله: {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} والعرب تقول: ما أملك من أمر فلان، أو من فلان شيئاً، أي: لا أقدر من أمره على شيء، وغاية ما يقدر عليه الإنسان من أمر غيره خطابة، ولو بالسؤال.

فهم في ذلك الموطن لا يملكون من الله تعالى شيئاً، ولا الخطاب؛ فإنه لا يتكلم أحد إلا بإذنه، ولا يتكلم إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، قال تعالى: {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ} [الممتحنة: ٤] ، فقد أخبر الخليل أنه لا يملك لأبيه من الله من شيء، فكيف غيره؟

وقال مجاهد أيضاً: {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} قال: حقاً في الدنيا، وعملا به. رواه والذي قبله عبد بن حميد. وروى عن عكرمة: {وَقَالَ صَوَابًا} قال: الصواب قول لا إله إلا الله.

<<  <   >  >>