الإخلاص جوابا لسؤال المشركين واليهود الموجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يصف لهم ربه.
فالقول بأن القرآن مخلوق طعن في صفاته تعالى وأنها مخلوقة، وهذا القول كفر ومن هنا حكم العلماء على أن من أزيلت عنه الشبهة وأقيمت عليه الحجة في هذه المسألة وبقي معاندا فإنه كافر.
أما إن هذه الفكرة يهودية فإليك بيانها:
يقول ابن الأثير في الكامل ٧/ ٧٥ وفي سنة أربعين ومائتي توفي القاضي أبو عبد الله أحمد بن داود في المحرم بعد ابنه أبي الوليد بعشرين يوما، وكان داعية إلى القول بخلق القرآن وغيره من مذاهب المعتزلة، وأخذ ذلك عن بشر المريسي، وأخذه بشر من الجهم بن صفوان، وأخذه جهم من الجعد بن درهم، وأخذه الجعد من أبان بن سمعان، وأخذه أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم وختنه، وكان لبيد يقول بخلق التوراة، وأول من صنف في ذلك طالوت، وكان زنديقا فأفشى الزندقة. اهـ.
هذا أصل فكرة القول بخلق القرآن، وهذا منشؤها، وهذه أهداف القائلين بها، فالذين حملوا راية هذه البدعة عن الجهمية ورئيسهم الجهم بن صفوان الذي قتل عام ١٢٨ هـ المعتزلة، وقد أثروا على الخليفة العباسي المأمون، الذي كان صاحب همة وولع بالمعرفة، وقد أنشأ ما عرف في زمن خلافته ببيت الحكمة، وحدث باعتناقه لهذه الفكرة بلاء عظيم على الإسلام وعلماء السنة، وقد عرفت تلك الفترة بمحنة القول بخلق القرآن، وقد قتل فيها من قتل وحبس من حبس وجلد من جلد حتى رفع الله هذه المحنة في خلافة المتوكل وعاد الأمر إلى أهل السنة وأشهر القول ببدعة القول بخلق القرآن وأعلن مذهب أهل السنة في القرآن وإنه كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.
ولكن قول المعتزلة هذا تسرب إلى الأشاعرة الذين نجد في ظاهر كلامهم معاداتهم للمعتزلة والرد عليهم ولكن أفكار المعتزلة دخلت عليهم, وقد عرف عن الأشاعرة إثباتهم لسبع صفات ومنها صفة الكلام، فيا ترى هل يقولون بأن هذا القرآن الموجود بين أيدينا هو كلام الله وصفة من صفاته منه بدأ وإليه يعود، أو إن هذا النظم الموجود في المصحف مخلوق.