للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يؤكد أن رأي الذهبي وجهة نظر قابلة للنقاش- أن ابن حجر الذي ذكر وجهة النظر هذه كما تقدم قد نقل نصا من "الحيدة" في فتح الباري ١٣/ ٤٥٢ في شرح باب {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شيء} فقد قال: وأشار ابن بطال إلا أن البخاري انتزع هذه الترجمة من كلام عبد العزيز بن يحي المكي فإنه قال في كتاب "الحيدة" سمى الله تعالى نفسه شيئا إثباتا لوجوده ونفيا للعدم عنه وكذا أجرى على كلامه ما أجراه على نفسه ولم يجعل لفظ شيء من أسمائه بل دل على نفسه إنه شيء تكذيبا للدهرية ومنكري الإلهية من الأمم، وسبق في علمه إنه سيكون من يلحد في أسمائه ويلبس على خلقه ويدخل كلامه في الأشياء المخلوقة فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فأخرج نفسه وكلامه من الأشياء المخلوقه ثم وصف كلامه بما وصف به نفسه فقال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} وقال تعالى: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} فدل على كلامه بما دل على نفسه ليعلم أن كلامه صفة من صفات ذاته فكل صفة تسمى شيئا بمعنى أنها موجودة١.

فعمل ابن حجر هذا يبين لنا أنه لو كان موافقا للذهبي في وجهة نظره لما نقل هذا النص الذي أشار فيه ابن بطال إن البخاري انتزع هذه الترجمة من كلام عبد العزيز المكي من "كتاب الحيدة".

٧- وقد أشار إلى هذه المناظرة ابن الجوزي في المنتظم٢ ٨/ ٤١ حيمسا قال:

"وفي سنة أربعمائة وعشرين في عهد القادر، في يوم الاثنين غرة ذي القعدة جمع القضاة والشهود والفقهاء والوعاظ والزهاد إلى دار الخلافة وقريء عليهم كتاب طويل جدا يتضمن ذكر أبي بكر وعمر وفضائلهما إلى أن قال: وأعيد فيه ما جرى بين بشر المريسي وعبد العزيز المكي في ذلك". اهـ

٨- ويقول: ابن العماد في شذرات الذهب٢/ ٩٥ في وفيات سنة ٢٤٠ هـ وفيها توفي عبد العزيز بن يحي الكنافب المكي، سمع سفيان بن عيينة وناظر


١ انظر هذا النص ورقة ١٠/ ب، ١١/٢ وص ٢٧، ٢٨ من هذه الرسالة لمطابقتها لما نقله ابن حجر في فتح الباري ١٣/٤٠٢.
٢ المنتظم/ لابن الجوزى الطبعة الأولى دائرة المعارف حيدر آباد سنة ١٣٥٩ هـ

<<  <   >  >>