للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا المعنى كثيرة.

وقول المعترض: ورد في الحديث:"لولا حبيبي محمد ما خلقت سمائي ولا أرضي ولا جنتي ولا ناري"١

فيقال: أولاً هذا حديثٌ باطل. هؤلاء الذين صنَّفوا في معجزاته وفضائله وخصائصه، كصاحب الشفا أين ذهب عنهم هذا الحديث فلم يذكروه مع أنه لا حجة فيه للمبطل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خليل الله وحبيبه وأقرب الناس إليه وسيلة وأعظمهم عنده منزلة صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين وقد قال الله له: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: ١٢٨] ، والله سبحانه قد بيّن الحكمة في خلق السموات والأرض وما بينهما فقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق:١٢]


"١" لم أقف عليه بهذا اللفظ، لمن ذكر الديلمي في الفردوس "٨٠٣١" نحوه من حديث ابن عباس بلفظ "يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت الجنة ولولاك ما خلقت الدنيا".
قلت هذان الحديثان وما على شاكلتهما من الأحاديث علامات البطلان والكذب ظاهرة عليها، فإنها تناقض صراحةً قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وكذا قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} . فإن الله تبارك وتعالى خلق الدنيا وما فيها من جن وإنس وسماء وأرض وموت وحياة من أجل أن يُعبد وحده سبحانه، ويُدعى وحده، ويُذبح له وحده، ويُتقرب إليه وحده بكل ما يحب ويرضى، وهذا هو معنى كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله"، أي لا معبود بحق إلا الله.

<<  <   >  >>