للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام" ١ فهذا يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم ليست في جسده دائماً بل هي في أعلى عليين، ولها اتصال بجسده أحياناً، الله أعلم بحقيقته وليس ذلك الرد- أعني رد الروح- خاصاً به صلى الله عليه وسلم، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مسلم يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه


ولم أقف على رواية يونس وابن إسحاق، لكن كما ترى زدتُ على من ذكرهم ابن عبد البر- رحمه الله- ممن وصلوا هذا الحديث: عمرو بن دينار، ومعمر، والليث. وكفى بهؤلاء جلالةً وحفظاً، وقد تقدم روايتهم. أضف إلى ذلك أن مالكاً- رحمه الله- وهو ممن وصلوا هذا الحديث مرسلا ص، ما كان لمالك أن يعدل عن الرواية المرسلة إلى المتصلة، وهذه قرينة قوية تعضد ترجيح الرواية المتصلة. وقد قال الذهلي: سمعت علي بن المديني يقول: "ولد كعب خمسة: عبد الله وعبيد الله ومعبد وعبد الرحمن ومحمد، قال الذهلي: فسمع الزهري- أي ابن شهاب- من عبد الله بن كعب وكان قائد أبيه حين عَميَّ، وسمع من عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب....".
وقال ابن القيم في الروح "ص ١١٧": " فالحديث إن كان لعبد الرحمن عن أبيه كعب كما قال مالك ومن معه فظاهر، وإن كان لعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن جده كما قال شعيب ومن معه فنهايته أن يكون مرسلاً من هذا الطريق وموصولاً من الأخرى، والذين وصلوه ليسوا بدون الذين أرسلوه قدراً ولا عدداً، فالحديث من الصحاح لهذه العلة، والله أعلم" أهـ.
"١" صحيح: أخرجه أحمد في مسنده "٢/ ٥٢٧"، وأبو داود في سننه "٢٠٤١"، وإسحاق بن راهويه في مسنده "٥٢٦"، والطبراني في الأوسط "٣٠٩٢"، والبيهقي في حياة الأنبياء في قبورهم "١٦"، وفي الكبرى "٥/ ٢٤٥"، وشعب الإيمان "١٥٨١".

<<  <   >  >>