للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روحه حتى يرد عليه السلام" ١ هذا وروحه في الجنة كما تقدم في الحديث فأرواح الشهداء بل عامة المؤمنين في الجنة ولها اتصال بأجسادهم في بعض الأحيان لا يعلم صفته إلا الله، وأمر البرزخ وأحكامه على خلاف ما يشاهد في الدنيا، وأما امتناع طلب الدعاء منه بعد موته شرعاً فلأن الصحابة رضي الله عنهم- وهم أعلم بالله وبرسوله ممن بعدهم- لم يأتوا إلى قبره صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يدعوا لهم ويستسقي لهم ويستنصر لهم لعلمهم أن هذا ممتنع بعد موته، ولم يأت أحد منهم يستفتيه في قبره في مسائل كثيرة أشكلت عليهم، قال عمر رضي الله عنه: "ثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها" ٢. واستسقى عمر بالعباس ولم يأت إلى قبره صلى الله عليه وسلم ليستسقي لهم٣، وكان الناس يجيئون إلى أم المؤمنين عائشة


"١" منكر: ذكره ابن رجب- رحمه الله- في أهوال القبور "ص ٩٥" من رواية الربيع بن سليمان المؤذن قال: ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس مرفوعاً، ثم قال: "خرجه ابن عبد البر، وقال عبد الحق الإشبيلي: إسناده صحيح، يشير إلى أن رواته كلهم ثقات، وهو كذلك، إلا أنه غريب بل منكر" أهـ.
وقد رُويَ نحوه عن أبي هريرة موقوفاً، ذكره ابن طولون في التحرير "التحرير المرسخ بذكر أحوال البرزخ" "٦٢٣" وعزاه لابن أبي الدنيا في القبور، والبيهقي في الشعب. وكذا أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية، وأعله بضعف عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم – أحد رواته-.
"٢" صحيح: صحيح البخاري "٥٥٨٨"، ومسلم "٣٠٣٢".
"٣" صحيح: صحيح البخاري "١٠١٠، ٣٧١٠" من حديث أنس رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه كان إذا قَحَطُوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون".
والمقصود بالتوسل بالعباس هنا هو التوسل بدعائه إلى الله، لا التوسل بذاته وجاهه، إذلو كان مقصود عمر التوسل بذات العباس وجاهه، ما عدَّل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى العباس، إذ أن جاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم محفوظٌ بعد موته كما كان في حياته. ولو كان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم جائزاً، وسبباً في إجابة الدعاء، لأمرنا به، وحثَّنا عليه، كيف وهو لم يترك شيئاً يقربنا إلى الله إلا ودلنا عليه، ولم يصح أبداً أي حديث عن التوسل بالجاه والذات، وحديث: "توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم" حديث باطل لا أصل له في كتب السنة.
لو كان مقصود عمر التوسل بذات العباس وجاهه، ما عدَّل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى العباس، إذ أن جاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم محفوظٌ بعد موته كما كان في حياته. ولو كان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم جائزاً، وسبباً في إجابة الدعاء، لأمرنا به، وحثَّنا عليه، كيف وهو لم يترك شيئاً يقربنا إلى الله إلا ودلنا عليه، ولم يصح أبداً أي حديث عن التوسل بالجاه والذات، وحديث: "توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم" حديث باطل لا أصل له في كتب السنة.

<<  <   >  >>