ففي هذه الآية من الأدلة على بطلان دعوة غير الله فوائد:
منها أن الله حكم على من دعا غيره بغاية الضلال، وبين أن المدعو لا يستجيب له، وأنه غافل عن دعائه، تكذيبا لمن ادعى غير ذلك من المشركين، وأنه يوم القيامة يكون عدوا لمن دعاه في دار الدنيا، وأنه ينكر عبادته له ويبرأ إلى الله منها، كما أخبر عن المسيح عليه السلام أنه قال:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}[المائدة - ١١٧] فخان المشرك دعاؤه لغير الله أحوج ما يكون إليه، وعامله الله بنقيض قصده.
ويشبه هذه الآية قوله تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ. إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ، وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}[فاطر - ١٣] ففي هذه الآية ست جمل تقطع عرق الشرك، وتبطل دعوة غير الله كائنا من كان:
الجملة الأولى قوله:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ} فهو المختص بالملك، كما هو المختص بالعبادة.
وقوله:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} دليل على أن غيره لا يملك شيئا، فإذا كان الأمر كذلك وجب أن لا يدعى غيره.