للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشفاعة جميعها له: فمن طلبها من غير الله فقد طلبها ممن لا يملكها، ولا يسمع ولا يستجيب، وفي غير الوقت الذي تقع فيه، ولا قدرة له عليها إلا برضا من هي له، وإذنه فيها، وقبوله، فطلبها ممن هي له في دار العمل عبادة من جملة العبادات، وصرف ذلك الطلب لغيره شرك عظيم.

ومن تدبر آيات الشفاعة حق التدبر علم علما يقينا أنها لا تقع إلا لمن أخلص أعماله كلها لله، واتبع ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من توحيده وشرائع دينه، فليس لله من عمل عبده إلا الإخلاص، كما قال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر - ٣] وقال: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج - ٣٧] وهو لا يقبل الشركة في الأعمال ولا يرضاها، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء - ٤٨] وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة - ٧٢]

وكما صح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" ١.


١ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الزهد والرقائق – ٤/٢٢٨٩ عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>