وتقبيلها، وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، وأخذ تربتها تبركا، وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى، والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكف، ولم يتمسح بالآجر يوم الأربعاء، ولم يقل الحمالون على جنازته: أبو بكر الصديق، أو محمد أو علي، أولم يعقد على قبر أبيه أزجا بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يرق ماء الورد على القبر، انتهى كلامه.
فانظر إلى تصريحه بكفر فاعل هذه الأمور. وهذا الملبس يقول: إنه مكروه عنده كراهة تنزيه إذا كان طلب الحوائج من الأموات بالكتابة ونحوها، فأما طلب الحوائج من الأموات باللسان فمستحب عنده، فسبحان من مسخ عقله، وأظهر تلبيسه وجهله.
ويشبه هذا ما ذكر أن رجلا اجتمع بامرأة ليزني بها، فلما جامعها قال لها: استري وجهك فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام.
قوله:(صرح فقهاء الحنابلة بكراهة طلب الحاجات من الأموات والغائبين، إلى آخره) .
جوابه أن يقال: بل صرح فقهاء الحنابلة وغيرهم بإنكاره والنهي عنه، وأن ذلك هو الشرك الأكبر، وأنه كفعل عابدي الأصنام، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، وأجمع عليه سلف الأمة وأئمتها.
ونحن نذكر من كلامهم قليلا من كثير، وغيضا من فيض، وقد تقدم بعض ذلك من كلام الله وكلام رسوله، ولا بد من ذكر ما تيسر من كلام العلماء.