أما الزيارة الشرعية التي أذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمقصود منها شيئان:
أحدهما: راجع إلى الزائر، وهو الاتعاظ والاعتبار.
والثاني: راجع إلى أصحاب القبور وهو أن يسلم الزائر عليهم، ويدعو له. وأما الزيارة البدعية فهي زيارة القبور لأجل الصلاة عندها، والطواف بها، وتقبيلها، واستلامها، وتعفير الخدود عليها، وأخذ ترابها، ودعاء أصحابها، والاستغاثة بهم، وسؤالهم النصر والرزق والعافية، والولد، وقضاء الدين وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وغير ذلك من الحاجات التي كان عباد الأصنام يسألونها من أصنامهم، فإن أصل هذه الزيارة البدعية الشركية مأخوذ منهم، وليس شيء من ذلك مشروعا باتفاق المسلمين، إذ لم يفعله رسول رب العالمين، ولا أحد من الصحابة والتابعين، وسائر أئمة الدين، بل قد أنكر الصحابة ما هو دون ذلك بكثير، كما روي عن المعرور بن سويد أن عمر صلى صلاة الصبح في طريق مكة ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال: أين يذهب هؤلاء؟ فقيل: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون فيه، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، كانوا يتبعون آثارأنبيائهم، ويتخذونها كنائس وبيعا، فمن أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصلها فيها، ومن لا فليمض لا يتعمدها١.
١ أخرجه سعيد بن منصور في سننه – كما في الاقتضاء لشيخ الإسلام ص ٧٤٤ – =