الله تعالى في كتابه بقوله:{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً. وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً. وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}[نوح - ٢١] .
قال ابن عباس وغيره من السلف: كان هؤلاء قوما صالحين من١ قوم نوح النبي عليه السلام فلما ماتوا عكف الناس على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. وهذا هو مبتدأ عبادة الأصنام.
قال: وقال ابن القيم في إغاثته نقلا عن شيخه: إن هذه العلة التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ القبور مساجد هي التي أوقعت كثيرا من الناس إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك، فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بشجر أو حجر.
ولهذا تجد كثيرا من الناس عند القبور يتضرعون ويخشعون ويخضعون ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلون مثلها في بيوت الله تعالى ولا في وقت السحر، ويرجون من بركة الصلاة عندها، والدعاء لديها ما لا يرجون في المساجد، فلحسم مادة هذه المفسدة نهى عليه السلام عن الصلاة في المقبرة مطلقا، وإن لم يقصد المصلي بصلاته فيها بركة البقعة، كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس،