فان هذا تقسيم حاصر يقول أخلقوا من غير خالق خلقهم فهذا ممتنع في بداية العقول أم هم خلقوا أنفسهم فهذا أشد امتناعا فعلم أن لهم خالقا خلقهم وهو سبحانه وتعالى ذكر الدليل بصيغة استفهام الإنكار ليبين أن هذه القضية التي استدل بها فطرية بديهية مستقرة في النفوس لا يمكن أحدا إنكارها فلا يمكن صحيح الفطرة أن يدعى وجود حادث بدون محدث أحدثه ولا يمكنه أن يقول هو أحدث نفسه.
وقد بسطنا الكلام على ما قاله الناس في هذا المقام من الحدوث والإمكان وعلة الافتقار إلى المؤثر وذكرنا عامة طرائق أهل الأرض في إثبات الصانع من المتكلمين والفلاسفة وطرق الأنبياء صلوات الله عليهم وما سلكه عامة نظار الإسلام من معتزلي وكرامى وكلابي واشعري وفيلسوف وغيرهم في غير موضع مثل كتاب تعارض العقل والنقل وغير ذلك