الملائكة والنبيين أربابا فهو كافر مع أن المشركين إنما كانوا يتخذونهم شفعاء ويتقربون بهم إلى الله زلفى فإذا كان هؤلاء الذين دعوا مخلوقا ليشفع لهم عند الله كما يشفع المخلوق عند المخلوق فيسأله ويرغب إليه بلا إذنه وقد جعلهم الله مشركين كفارا مأواهم جهنم فكيف بشرك هؤلاء الفلاسفة وما يثبتونه من الشفاعة فإنهم يجوزون دعاء الجواهر العلوية الشمس والقمر والكواكب وكذلك الأرواح التي يسمونها العقول والنفوس ويسميها من انتسب إلى أهل الملل الملائكة وهؤلاء المشركون قد تنزل عليهم أرواح تقضى بعض مطالبهم وتخبرهم ببعض الأمور وهم لا يميزون بين الملائكة والجن بل قد يسمون الجميع ملائكة وأرواحا ويقولون روحانية الشمس روحانية عطارد روحانية الزهرة وهى الشيطان والشيطانة التي تضل من أشرك بها كما أن لنفس الأصنام وهي التماثيل المصنوعة على اسم الوثن من الأنبياء والصالحين أو على اسم كوكب من الكواكب أو روح من الأرواح والأصنام أيضا لها شياطين تدخل فيها وتكلم أحيانا بعض المشركين وقد تترايا أحيانا فيراها بعض الناس من السدنة وغيرهم.
فالمشركون من الفلاسفة القائلين بقدم العالم هم أعظم شركا وما يدعونه من الشفاعة لألهتم أعظم كفرا من مشركي العرب فإنهم لا يقولون أن الشفيع يسأل الله والله يجيب دعوته كما يقوله المشركون الذين يقولون أن الله خالق بقدرته ومشيئته فان هؤلاء عندهم أنه لا يعلم الجزئيات ولا يحدث شيئا بمشيئته وقدرته وإنما العالم فاض عنه.
فيقولون إذا توجه الداعي إلى من يدعوه كتوجه إلى الموتى عند قبورهم وغير قبورهم وتوجهه إلى الأرواح العالية فانه يفيض عليهم ما يفيض من ذلك المعظم الذي دعاه واستغاث به وخضع له من غير فعل من ذلك الشفيع ولا سؤال منه لله تعالى كما يفيض شعاع الشمس على ما يقابلها من الأجسام الصقيلة كالمرآة وغيرها ثم ينعكس الشعاع من ذلك الجسم الصقيل إلى حائط أو ماء وهذا قد ذكره غير