واحد من هؤلاء كابن سينا ومن اتبعه كصاحب الكتب المضنون بها وغيره.
وهؤلاء يزورون القبور الزيارة المنهي عنه بهذا القصد فان الزيارة الشرعية مقصودها مثل مقصود الصلاة على الجنازة يقصد بها السلام على الميت والدعاء له بالمغفرة والرحمة وأما الزيارة المبتدعة التي هي من جنس زيادة المشركين فمقصودهم بها طلب الحوائج من الميت أو الغائب أما أن يطلب الحاجة منه أو يطلب منه أن يطلبها من الله وأما أن يقسم على الله به ثم كثير من هؤلاء يقول أن ذلك المدعو يطلب تلك الحاجة من الله أو أن الله يقضيها بمشيئته واختياره للإقسام على الله بهذا المخلوق وأما أولئك الفلاسفة فيقولون بل نفس التوجه إلى هذه الروح يوجب أن يفيض منها على المتوجه ما يفيض كما يفيض الشعاع من الشمس من غير أن تقصد هي قضاء حاجة أحد ومن غير أن يكون الله يعلم بشيء من ذلك على أصلهم الفاسد.
فتبين أن شرك هؤلاء وكفرهم أعظم من شرك مشركي العرب وكفرهم وأن اتخاذ هؤلاء الشفعاء الذين يشركون بهم من دون الله أعظم كفرا من اتخاذ أولئك.
ليس توسط البشر عند الحنفاء كتوسط العلويات عند الفلاسفة:
ولهذا كانت مناظرة كثير من أهل الكلام لهم مناظرة قاصرة حيث لم يعرف أولئك حقيقة ما بعث الله به رسله وانزل به كتبه وما ذمه من الشرك ثم يكشفون بنور النبوة ما عند هؤلاء من الضلال كما ناظرهم الشهر ستاتي في كتاب الملل والنحل لما ذكر فصلا في المناظرة بين الحنفاء وبين الصابئة المشركين فان الحنفاء يقولون بتوسط البشر وأولئك يقولون بتوسط العلويات فأخذ يبين أن القول بتوسط البشر