أولى من القول بتوسط العلويات ومعلوم أنه إذا أخذ التوسط على ما يعتقدونه في العلويات كان قولهم اظهر فكان رده عليهم ضعيفا لضعف العلم بحقيقة دين الإسلام.
فان الحنفاء ليس فيهم من يقول بإثبات البشر وسائط في الخلق والتدبير والرزق والأحياء والإماتة وسماع الدعاء وإجابة الداعي بل الرسل كلهم وأتباع الرسل متفقون على أنه لا يعبد إلا الله وحده فهو الذي يسأل ويعبد وله يصلى ويسجد وهو الذي يجيب دعاء المضطرين ويكشف الضر عن المضرورين ويغيث عباده المستغيثين {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} .
وليس عند الحنفاء أن أحدا غير الله يستقل بفعل شيء بل غايته أن يكون سببا والأثر لا يحصل إلا به وبغيره من الأسباب وبصرف الموانع والله تعالى هو الذي يخلق بتأثير الأسباب وبدفع الموانع مع خلقه سبحانه أيضا لهذا السبب لكن المقصود أنه ليس في الوجود ما يستقل بإحداث شيء ولا ثم شيء يوجب كل اثر إلا مشيئة الله وحده فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
والرسل هم وسائط بين الله وبين خلقه في تبليغ رسالاته وأمره ونهيه ووعده ووعيده كما قال تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} فاخبر أنه أرسله شاهدا كما قال: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وقال: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} وقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} ولما دفن النبي صلى الله عليه وسلم شهداء أحد قال: "أما أنا فشهيد