الخامس: أن تصور الماهية إنما يحصل عندهم بالحد الذي هو الحقيقي المؤلف من الذاتيات المشتركة والمميزة وهو المركب من الجنس والفصل وهذا الحد أما متعذر أو متعسر كما قد أقروا بذلك وحينئذ فلا يكون قد تصور حقيقة من الحقائق دائما أو غالبا وقد تصورت الحقائق فعلم استغناء التصورات عن الحد.
السادس: أن الحدود الحقيقية عندهم إنما تكون الحقائق المركبة وهي الأنواع التي لها جنس وفصل وأما ما لا تركيب فيه وهو ما لا يدخل مع غيره تحت جنس كما م ثله بعضهم ب العقول فليس له حد وقد عرفوه وهو من التصورات المطلوبة عندهم فعلم استغناء التصورات عن الحد بل إذا أمكن معرفة هذه بلا حد فمعرفة تلك الأنواع أولى لأنها أقرب إلى الحس وان أشخاصها مشهودة.
وهم يقولون أن التصديق لا يقف على التصور التام الذي يحصل بالحد الحقيقي بل يكفي فيه أدنى تصور ولو ب الخاصة وتصور العقول من هذا الباب وهذا اعتراف منهم بأن جنس التصور لا يقف على الحد الحقيقي لكن يقولون الموقوف عليه هو تصور الحقيقة أو التصور التام وسنبين أن شاء الله أنه ما من تصور إلا وفوقه تصور أتم منه وأنا نحن لا نتصور شيئا بجميع لوازمه حتى لا يشذ عنا منها شيء وأنه كلما كان التصور لصفات المتصور أكثر كان التصور أتم.
وأما جعل بعض الصفات داخلة في حقيقة الموصوف وبعضها خارجة فلا يعود إلى أمر حقيقي وإنما يعود ذلك إلى جعل الداخل ما دل عليه اللفظ ب التضمن والخارج اللازم ما دل عليه اللفظ ب اللزوم فتعود الصفات الداخلة في الماهية إلى ما دخل في مراد المتكلم بلفظه والخارجة اللازمة للماهية إلى ما يلزم مراده بلفظه وهذا أمر يتبع مراد المتكلم فلا يعود إلى حقيقة ثابتة في نفس الأمر للموصوف وقد بسطنا ألفاظهم في غير هذا الموضع وبينا ذلك بيانا مبسوطا يبين أن ما سموه الماهية أمر يعود إلى ما يقدر في الأذهان لا إلى ما يتحقق في الأعيان والمقدر في الأذهان بحسب ما يقدره كل أحد في ذهنه فيمتنع أن