عليه الاعتراضات الفادحة على أصلهم لم يكن القول على أصلهم لا بأنها محدودة بما يمكن من الحدود ولا بأنها مستغنية عن الحدود وإذا لم تكن غنية عن الحد بل مفتقرة إليه والحدود غير ممكنة لزم توقف تعريفها على ما لا يمكن فيلزم امتناع تعريفها ومعلوم أن معرفتها حاصلة فعلم بطلان قولهم.
وأيضا فيبقى الإنسان غير متمكن لا من إثبات أن لها حدودا ولا من نفي أن يكون لها حدود وما استلزم المنع من النفي والإثبات أو رفع النفي والإثبات كان باطلا فان كل ما يذكر من الحدود يرد عليه ما يقدح فيه على أصلهم وقد ثبت عندهم أنه لا بد لها من حد فيلزم أنه لا بد لها من حد وكل حد فهو باطل فيلزم إثبات الحد ونفيه.
وما استلزم ذاك إلا لأنهم جعلوا مقصود الحد تصوير المحدود وإذا قيل المقصود من الحد التمييز بين المحدود وغيره كان كل من القولين حقا ولم يتقابل النفي والإثبات بل الذين حدوها بحدودهم أفادت حدودهم التمييز بينها وبين غيرها والتمييز يحصل بما يطابق المحدود في العموم والخصوص وهو الملازم له من الطرفين في النفي والإثبات.
وأما اللوازم فقد تكون أعم من المحدود كما أن الملزومات قد تكون أخص منه فان الملزوم قد يكون اخص من اللازم كما أن اللازم قد يكون أعم من الملزوم فان الإنسان مستلزم الحيوان والإنسان أخص منه والحيوان لازم له وهو أعم منه بخلاف المتلازمين فإنهما متساويان في العموم والخصوص كالإنسانية مع الناطقية والصاهلية مع الفرسية ونحو ذلك.
والحدود لا تجوز إلا ب الملازم في الطرفين النفي والإثبات لا بمجرد اللوازم كما يطلقه بعضهم ولا بمجرد الملزومات ثم التمييز يحصل ب المطابق الملازم وإن كان قد لا يحتاج إلى هذا التمييز إذا حصل الاستغناء عنه بالاسم