والذين قالوا أنها غنية عن الحدود بينوا أن مطلق الحقيقة تتصور بلا حد وهذا حق بل هذا ثابت في جميع الحقائق أن مطلقها متصور بلا حد ولكن المقصود التمييز بين مسمى هذا الاسم العام وبين غيره أو التمييز بين المعنى العام المتشابه في أفراده وبين غيره وتمييز العام من غيره قد لا يكفى فيه مجرد تصوره مطلقا أو تصور بعض أفراده فليس كل من تصور معنى مطلقا تصوره عاما مميزا بينه وبين غيره فكيف إذا لم يتصوره إلا خاصا مقيدا معينا إذ قد يقطع في مواضع بأنها خبر وأنها أمر وأنها علم ويشك في مواضع كما يشك في الاعتقاد المطابق الذي يحصل للمقلد وفي أمر الأدنى للأعلى وفي الأمر الخالي عن الإرادة ونحو ذلك.
فالمطلوب من الجمع والمنع الذي هو مقصود الحد لا يحصل بتصور أعيان معينة ولكن يحصل منه تصور الحقيقة في الجملة فان من تصورها معينة تصورها في الجملة وهو تصورها مع كونها مقيدة فيمكنه حينئذ أن يتصورها لا بشرط إذا جردها عن التعريف بمعنى أنه لا يشترط فيها التعريف ولا أنه يشترط عدمه.
وهذا المطلق هل هو في الخارج جزء من المعين أو هذا المطلق وهو المطلق لا بشرط ليس هو في الخارج شيئا غير الأعيان الموجودة فيه قولان كما تقدم بيانه وفصل الخطاب فيه.
فحينئذ فلا يكون المتصور ل الأمر المعين والخبر المعين والعلم المعين قد تصور الأشياء معينة أو تصور الحقيقة معينة لا مطلقة ولا عامة.