للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والتحريف (١) .

٣- إن فتح الباب على مصراعيه في نقد المتن قد يفتح المجال أمام إصدار أحكام غير موضوعية (متحيزة) وذلك لأن النص قد يؤول بوجوه عديدة، وهذا يفتح الباب أمام اعتبار صحة الحديث مبنية على التأويل الذي نقدمه، وفي ذلك من الخطورة ما لا يخفى على أحد. وقد أوصد العلماء المسلمون باب الاجتهاد المطلق خوفا من تلك التأويلات غير الموضوعية التي قد يقوم بها غير المختصين.

وقد يكون الحديث داخلا في باب الأحاديث المتشابهة التي تحتاج للراسخين في العلم كي يؤولوها، أو لا يمكن تأويلها وتؤخذ كما وردت (٢) . أضف إلى ذلك فالحديث قد يكون فيه مجاز أو استعارة فيسيء بعضهم الفهمَ، ولهذا فمن الخطأ تماما الحكم عليه من ناحية ظاهرية. وقد يكون مضمون الحديث يتحدث عن أمور أخروية لا تخضع لموازين دنيوية، بل تخالفها: ولهذا لا يمكننا رفضها لمجرد عدم معرفتنا بتأويلها.

إن كل الأسباب السابقة تجعل رفض الحديث ذي الإسناد الصحيح بناء على عدم فهمنا لمتنه أمراً غير علمي، فعدم فهمنا للحديث قد يكون راجعا لأحد الأسباب السابقة التي يكون فيها الحديث صحيحا، إلا أنه لسبب ما لم نجد من يعطينا تفسيره الدقيق. وإذا قمنا برفض الحديث لسبب من الأسباب


(١) انظر نور الدين العتر، منهج النقد، ص: ٤٤٤ – ٤٤٦. وانظر كذلك
J. Robson, art. HADITH, EIvol. iii, p.
(٢) انظر سعيد النورسي، أصول في فهم الأحاديث النبوية دفعا للأوهام عنها، ص: ٢٣، وقارن بمحمد أبو شهبة، دفاع عن السنة، (القاهرة: مكتبة السنة، ١٤٠٩?/١٩٨٩م) ، ط١.

<<  <   >  >>