للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أطلقوا هذا اللفظ على الدين احتقاراً (١) ، وهذا التحامل يظهر جلياً على غلاف أول ترجمة فرنسية-إنجليزية لمعاني القرآن الكريم، حيث كتب إن هذه الترجمة أعدت "لإرضاء كل من عنده الرغبة في معرفة زيف الأتراك"، بل وإنه حتى الطبعة الحادية عشرة من الموسوعة البريطانية التي تعد طبعة كلاسيكية، وأكثر طبعات الموسوعة شهرة كتب فيها اسم نبينا الكريم وفق التهجئة Mahomet وكيلت فيها الأكاذيب كيلاً. ومن يعرف هذا التاريخ يرى بأن تهجئة اسم نبينا الكريم في هذه المادة سليمة تتسامى عن تلك الأكاذيب واضحة التعسف والخطأ.

ولكن هذه هي مزية الدراسات الاستشراقية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتحديداً عام ١٨٤٠م، عندما ألقى رجل الدين الإنجليزي توماس كارلآيل سلسلة محاضرات بعنوان "عندما يكون البطل نبيا:"محمد والإسلام"؛ إذ شكلت نقطة تحول في الفكر الاستشراقي حيث كشف فيها كثيراً من الحقائق التي تتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام.

والحقيقة هي أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر شهد نظرة جديدة إلى الإسلام ونبيه، ذلك أن عصر التنوير الأوروبي كان من جوانب عديدة متحرراً من النزعة اللاهوتية المعادية للإسلام، التي شجعتها الكنيسة في أوروبا، إلا أن النظرة الجديدة لم تأت خالية من التحيز والتحريف والتشويه المعهود، حيث أصبح المستشرقون يميلون إلى "صدق الرسول" ولكن قالوا بأن


(١) يناقش الدكتور جان جبور تطور نظرة الغرب للمسلمين من أعمال بارزة كشفت عن مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها هذه النظرة عبر تاريخ لقاء الحضارتين في كتابه: النظرة إلى الآخر في الخطاب الغربي.

<<  <   >  >>