للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الوضع لمدة غير معلومة. ومارس قليل من المهاجرين التجارة في السوق المحلية التي تديرها قبيلة يهودية. وقام الآخرون بالطريقة العربية المعروفة وبموافقة محمد بغزوات أملاً بقطع طريق القوافل المكية المتجهة بمحاذاة المدينة في طريقها إلى سوريا. وقاد محمد بنفسه ثلاثاً من هذه الغزوات في ٦٢٣م (١) .

ج- يرى وات أن اتساع دائرة المجتمع الإسلامي في الجزيرة العربية أدى إلى انتقال النشاط القتالي الإسلامي من مفهوم الغارة إلى مفهوم الجهاد، ذلك أن الغارة تمثل نشاطا قتالياً تقوم به قبيلة ضد أخرى، أما الجهاد فهو عمل يقوم به مجتمع ديني ضد غير المنتمين إليه، ومن هنا كان اعتناق أي جماعة أو قبيلة للإسلام موجباً لوقف القتال ضدها. فعندما انتشر الإسلام انتشاراً واسعاً بين القبائل العربية تضاءلت فرصة الجهاد الداخلي، وكان لابد من تهيئة فرصة الجهاد الخارجي حتى يمكن إيجاد متنفس لطاقات العرب القتالية التي كان لابد أن تفصح عن نفسها بشكل أو بآخر، ويرى وات أن الصبغة الدينية للجهاد هي التي قامت بدورها الكبير في التنفيس عن تلك الطاقات مما أتاح للمسلمين في أقل من قرن من الزمان أن ينشئوا إمبراطوريتهم الواسعة (٢) .

في ضوء ما ذكرنا ينتفي الزعم بانتقال النشاط القتالي الإسلامي من


(١) The emigrants (muhajirun, the men from Mecca) were at first guests of brother Muslims in Medina, but Muhammad cannot have contemplated this situation continuing indefinitely. A few emigrants carried on trade in the local market run by a Jewish clan. Others, with the approval of Muhammad, set out in normal Arab fashion on razzias (ghazawat, “raids”) in the hope of intercepting Meccan caravans passing near Medina on their way to Syria. Muhammad himself led three such razzias in.
(٢) مونتقمري وات، Muhammad: Prophet and Statesman، ص ١٠٨- ١٠٩.

<<  <   >  >>