للإسلام لم يبعد منه قومه، ولم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها، فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته إلا من عصم الله بالإسلام، وهم قليل مستخفون"، {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ, أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ, وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}[ص: ٤-٦] ، ومشوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وساوموه قائلين: "يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وإنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وسفهت الأحلام، وفرقت الجماعة ... فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا، فنحن نسودك علينا، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بي ما تقولون، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً ... " فقالوا: وإنا والله لا نتركك وما بالغت منا حتى نهلكك أو تهلكنا" (١) ، فما بال وات يثير الشبه حول تضخيم الحقائق، وهذه قريش تضع أغلى ما تملك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما بالنسبة لأمر الهجرة إلى الحبشة فلما كان أن استورى أمر الدعوة غضب المشركون فأخذوا من أسلم مع الرسول بالشدة والقسوة " ... فكانت